حصاد 2022.. تراجع الحريات يقوض حقوق الإنسان في فلسطين
حصاد 2022.. تراجع الحريات يقوض حقوق الإنسان في فلسطين
مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في غزة: على السلطة احترام مبادئ حقوق الإنسان
مدير وحدة الديمقراطية بالمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان: لابد من وقف العمل بعقوبة الإعدام
مدير وحدة المناصرة المحلية والإقليمية بمؤسسة الحق: ملف الحريات تراجع كثيرا نتيجة الانقسام
مدير بيت الصحافة الفلسطيني: على السلطات وقف إجراءات الاحتجاز والاستدعاء للصحفيين
فلسطين - أحمد حرب
كغيره من السنوات، جاء عام 2022 ليشهد مزيدا من تكبيل الحريات وتقييد الحقوق في فلسطين، في ظل معاناة شديدة يعيشها الشعب جراء الانتهاكات الإسرائيلية والانقسام الداخلي والخلافات المستمرة بين الفرقاء.
وخلال عام 2022، شهدت الأراضي الفلسطينية انتهاكات جسيمة للحريات العامة، طالت كافة الجوانب المتعلقة بحياة المواطن الفلسطيني نتيجة أسباب عدة منها، الانقسام، وغياب الانتخابات العامة، وتزايد التجاذبات السياسية بين الأطراف الفلسطينية، كما تؤكد العديد من المؤسسات الحقوقية الفلسطينية التي رصدت هذه الانتهاكات في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وقال مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في قطاع غزة جميل سرحان، لـ "جسور بوست"، ما زلنا نتلقى منذ بداية عام 2022 إلى الآن شكاوى متعلقة بالاعتداءات الجسدية، وأخرى حول حرية الرأي والتعبير، والحق في التجمع السلمي، وفي تشكيل الجمعيات والحد من ممارسة التعذيب والعديد من المتابعات المتعلقة بالحقوق الخاصة والحريات.
وكشف "سرحان"، عن أنه تم رصد انتهاكات عدة منها "التعذيب والضرب والعزل بأوضاع نفسية صعبة، حيث وثقت الهيئة خلال العام الجاري، 290 شكوى في الضفة وغزة تفيد بأن الممارسات وقعت إما داخل مراكز التوقيف والسجون التابعة للأجهزة الأمنية، خلال فترات الاعتقال والاحتجاز، أو خلال اقتيادهم للسجون أو مقرات الاحتجاز والتوقيف".
وقال سرحان، إنه "فيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير وحرية التجمع السلمي رصدت الهيئة 15 شكوى خلال 2022، وهذا مخالف لقانون الاجتماعات العامة الصادر عام 1998 الذي ينظم التجمعات السلمية ولكن الحاصل في غزة والضفة الغربية يخالف القانون"، مشيرا إلى استمرار انتهاكات حرية التعبير، وخاصة ضد النشطاء المنتقدين للأوضاع المعيشية على مواقع التواصل الاجتماعي.
جميل سرحان
إغلاق الجمعيات
وشدد سرحان في تصريحاته لـ"جسور بوست"، على أن "هناك انتهاكا خطيرا يتعلق بالحق في تشكيل الجمعيات وتنظيم أنشطتها، حيث إن هناك من 50 إلى 60 جمعية رفضت السلطة الفلسطينية تسجيلها من جديد خلال عام 2022 مما عطل عملها وأوقف حساباتها البنكية، بالإضافة إلى تدخل الأجهزة الأمنية في غزة والضفة بعمل تلك الجمعيات"
ودعا "سرحان"، السلطات في قطاع غزة للعمل على احترام مبادئ حقوق الإنسان، وعدم مواصلة الانتهاكات المتعلقة بالحريات العامة وإتاحة المجال أمام المؤسسات الحقوقية للعمل على رصد وتوثيق الانتهاكات دون وضع معوقات أمامها.
عقوبة الإعدام
ومن ناحيته، قال مدير وحدة الديمقراطية بالمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، حمدي شقورة، إن عام 2022 شهد عددا من أحكام الإعدام في قطاع غزة، بعد توقف دام 4 أعوام، حيث كان آخرها في عام 2017، مشيرًا إلى أن أحكام الإعدام وصلت في 2022 إلى 24 حكماً جديداً، منها (6) أحكام صادرة عن محاكم عسكرية، و(5) أحكام صدرت تشديدا لأحكام سابقة من قبل محكمة الاستئناف، والباقي صادر عن المحكمة المدنية.
وأوضح "شقورة" في تصريحات لـ" جسور بوست"، أنه بضم الأحكام الأخيرة تصبح أحكام الإعدام الصادرة في مناطق السلطة الفلسطينية منذ إنشائها (277) حكماً، منها (247) حكماً في قطاع غزة، و(30) حكماً في الضفة الغربية.
وشدد شقورة على أن البروتوكول الثاني للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ملزم للسلطات في فلسطين بما فيها قطاع غزة، وبالتالي يجب وقف العمل بعقوبة الإعدام تمهيداً لإلغائها من التشريعات، ولذا يطالب المركز السلطات في قطاع غزة بعدم استخدام عقوبة الإعدام واستبدالها بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة.
توقف العملية التشريعية والرقابية
وأكد شقورة على أن دور المجلس التشريعي الفلسطيني ما زال غائباً بعد أن تم تعطيل عمله التشريعي والرقابي منذ انتخابه في عام 2006، إلى أن صدر قرار من المحكمة الدستورية في رام الله بحله في ديسمبر 2018.
وتابع: كانت الآمال معقودة على إتمام الانتخابات التشريعية والرئاسية في العام 2021 وعودة المجلس التشريعي والحياة الديمقراطية في فلسطين، بعد أن صدر مرسوم رئاسي في 15 يناير 2021 بعقد الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية، والتي كانت مستحقة منذ العام 2010 ولكن وبعد البدء بإجراء المراحل المختلفة للعملية الانتخابية، وقبل نشر القوائم، أصدر الرئيس الفلسطيني مرسوماً بتأجيل الانتخابات إلى حين توافر شروط إجرائها في الأرض الفلسطينية كافة، وفي مقدمتها مدينة القدس.
حمدي شقورة
الانتخابات العامة والمحلية
وحول عدم إجراء الانتخابات الفلسطينية، قال شقورة، إنه كان من المقرر أن تعقد الانتخابات العامة، التشريعية والرئاسية، في الضفة الغربية، بما فيها القدس وقطاع غزة، في منتصف عام 2021، وفق المرسوم الرئاسي الذي أصدره الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في 15 يناير 2021، لتنهي سنوات من التأجيل امتدت لأكثر من 11 عاماً، لأسباب مختلفة، لم تجر فيها أي انتخابات عامة، لتجديد شرعية النظام السياسي الفلسطيني.
وأضاف: وفق المرسوم كان من المقرر أن تجرى الانتخابات التشريعية والرئاسية بشكل متتابع، بحيث تعقد الانتخابات التشريعية بتاريخ 22 مايو 2021، والرئاسية بتاريخ 31 يوليو 2021، كما جاء في المرسوم أن الانتخابات التشريعية جزء من انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني، المؤسسة التشريعية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وحدد تاريخ 31 أغسطس 2021 موعداً لاستكمال تشكيل المجلس الوطني وفق أحكام النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وتابع: أمام العقبات الإسرائيلية لمنع إجراء الانتخابات في مدينة القدس، أعلن الرئيس الفلسطيني، بتاريخ 29 أبريل، أي قبل ثلاثة أسابيع من موعد عقد الانتخابات التشريعية، عن تأجيل الانتخابات، وفشل الاتحاد الأوروبي في حمل سلطات اسرائيل على السماح بها، وبموجب ذلك، أعلنت لجنة الانتخابات بدورها وقف الانتخابات العامة.
وعلى مستوى الانتخابات المحلية، أوضح "شقورة"، أنه لم تجر انتخابات توافقية لمجالس الهيئات المحلية في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ العام 2005 أيضاً، وأجريت هذا العام انتخابات مجالس الهيئات المحلية بتاريخ 11 ديسمبر، لـ (154) هيئة محلية مصنفة (ج) في الضفة الغربية، ضمن المرحلة الأولى من الانتخابات، والتي لم تشارك فيها حركة حماس ولم تعقد في قطاع غزة حيث تستمر هيئات محلية معينة.
سلطة قضائية منقسمة
من جانبه، قال مدير وحدة المناصرة المحلية والإقليمية في مؤسسة الحق، أشرف أبو حية، إن الحريات العامة على المستوى الفلسطيني مرتبطة بالنظام السياسي المتأزم، بالإضافة إلى استمرار الانقسام السياسي، وهذا يقودنا إلى سلطتين واحدة في رام الله يتعامل معها المجتمع الدولي والأخرى في قطاع غزة ممثلة في حركة حماس مما ينعكس على حالة الحريات والمشهد الداخلي الفلسطيني.
وأوضح أبو حية، لـ "جسور بوست"، أن هناك سلطة قضائية منقسمة في كل من الضفة وغزة، ففي عام 2022 صدر عن الرئيس الفلسطيني في ظل غياب المجلس التشريعي الفلسطيني أكثر من (380) قرارا بقانون، هذه القوانين سارية في الضفة الغربية ولا تسري في قطاع غزة، وهناك أكثر من (100) قانون صدر عن المجلس التشريعي في غزة، جميعها سارية في غزة ولا تسري في الضفة، مشيرا إلى أن هذه القرارات تؤسس لمرحلة صعبة وتحدي كبير في معالجة البنية التشريعية للسلطة الوطنية الفلسطينية وتساهم في استمرار التضارب في التشريعات الفلسطينية.
وأشار إلى أنه نتيجة حالة الانقسام الفلسطيني على مدار تلك السنوات تأثر استقلال القضاء وزادت تدخلات السلطة التنفيذية وفقا لمبررات حزبية في قطاع غزة والضفة الغربية.
أشرف أبوحية
تراجع الحريات
وكشف أبو حية عن استمرار سياسة تقيد حرية الرأي والتعبير والحق في حرية التجمع السلمي، مبينا أنه تم منع فعالية لمجموعة من النشطاء يدعون إلى إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية في رام الله عام 2022 وهذا يسقط في إطار تقيد التجمع السلمي وحرية الرأي.
واعتبر أبو حية أن قضايا الحريات والحقوق على المستوي الفلسطيني مرتبطة بمجموعة من العوامل الخارجية، قائلا إن حالة الانقسام الفلسطينية لها انعكاساتها السياسية على الحقوق والحريات، بمعنى أنه عندما تكون هناك خلافات حادة بين الأطراف السياسية في الضفة وغزة تزداد حالة الاعتقالات والملاحقات الأمنية.
وأوضح أن ملف الحريات الفلسطيني تراجع كثيرا بعد الانقسام، مشددا على أن غياب الانتخابات والوحدة الوطنية والمشاركة السياسية سيبقي ملف الحقوق والحريات في حالة ركود.
الحريات الإعلامية
وعلى صعيد الحريات الإعلامية رصد بيت الصحافة الفلسطيني عددا من الانتهاكات في قطاع غزة والضفة الغربية من قبل الأجهزة الأمنية وصلت إلى (78) انتهاكا، وقد بلغت الانتهاكات في الضفة الغربية (55) انتهاكا نتيجة الاضطرابات الداخلية التي شهدتها الضفة، في حين بلغ عدد الانتهاكات (23) انتهاكا في قطاع غزة.
وقال مدير بيت الصحافة الفلسطيني، بلال جاد الله لـ"جسور بوست"، إن "أبرز الانتهاكات الداخلية الفلسطينية للحريات الإعلامية خلال عام 2022 تتمثل في الاعتقال والاستدعاء والتهديد والتخويف والمصادرة وانتحال صفة مؤسسة إعلامية، مشيرا إلى أن هذه الانتهاكات تعكس حجم التحديات التي تواجه الصحفيين".
بلال جادالله
وشدد جادالله، على ضرورة وقف إجراءات الاحتجاز والاستدعاء على خلفية قضايا النشر، وضمان احترام حرية الرأي والتعبير خاصة للعاملين في المجال الصحفي والإعلامي، واحترام أحكام القانون الأساسي الفلسطيني والمواثيق الدولية التي انضمت إليها السلطة الفلسطينية ذات العلاقة بالحريات الإعلامية.